الاثنين، 2 يناير 2017

البلاغة

البلاغة – مفهومها وعناصرها وأقسامها:
أولاً – مفهوم البلاغة:
   كثرت الأقوال في البلاغة قديماً في معنى البلاغة. والبَلاغةُ: الفَصاحةُ. والبَلْغُ والبِلْغُ: البَلِيغُ من الرجال. ورجل بَلِيغٌ وبِلْغٌ: حسَنُ الكلام فَصِيحُه يبلغ بعبارة لسانه كُنْهَ ما في قلبه، والجمعُ بُلَغاءُ، وقد بَلُغَ، بالضم، بَلاغةً أَي صار بَلِيغاً.
وقولٌ بَلِيغٌ: بالِغٌ وقد بَلُغَ. والبَلاغاتْ: كالوِشاياتِ.
والبِلَغْنُ: البَلاغةُ؛ عن السيرافي، ومثَّل به سيبويه.
وقد سئل ارسطو: ما البلاغة؟ قال حسن الاستعارة. وقال أكثم بن صيفي: في خطبة له (البلاغة الإيجاز).
وعرف أبو هلال العسكري البلاغة فقال: إنها مأخوذة من قولهم بلغت الغاية إذا انتهيت إليها فهي كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه على صورة مقبولة حسنة.
وذهب السكاكي إلى أن البلاغة هي بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حداً له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها.
والبلاغة هي: تأدية المعنى الجليل بعبارة صحيحة فصيحة. يكون لها في النفس أثر كبير مع ملاءمة كل كلام للموطن الذي يقال فيه والأشخاص الذين يخاطبون.

ثانياً - عناصر البلاغة
:
(لفظ ومعنى). وفي كتب البلاغيين جدل شديد حول اللفظ والمعنى لمن المزية في الكلام؟ وباعتبار أن البلاغة تتمثل في النصوص المكتوبة أو الملفوظة فأين تكون البلاغة, في اللفظ أم في المعنى؟
اللفظ:

قال الجاحظ في كلمته المشهورة (والمعاني مطروحة في الطريق)
وجاء العلماء بعد الجاحظ يرددون قوله ويؤيدون رأيه ويرجحون جانب اللفظ.
وقال أبو هلال العسكري (ليس الشأن في إيراد المعاني لأن المعاني يعرفها العربي والأعجمي والقروي والبدوي وإنما هو في جودة اللفظ وصفاته وكثرة طلاوته ومائه مع صحة السبك والتركيب..). وسار في هذا الاتجاه ابن خلدون, وأحمد حسن الزيات من المعاصرين وتابع هذا النهج.
وأدى هذا الاتجاه بفريق من الأدباء العرب فيما بعد إلى أن ينزعوا إلى جانب تفضيل الألفاظ والاهتمام بالأساليب على حساب المعاني فغدا الأدب ألفاظاً مرصوفة وقوالب جامدة وأجساماً من دون أرواح فانحط الأدب.

المعنى:

أما الفريق الثاني والذي انحاز إلى جانب المعنى فنجده ممثلاً في رأي ابن جني في كتابه (الخصائص). حيث أفرد في هذا الكتاب باباً مستقلاً جعل عنوانه "باب في الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ وإغفالها المعاني" فرأى ابن جني أن العرب إذا اعتنت بألفاظها فإنما هي أصلاً تخدم المعاني التي تحملها تلك الألفاظ. والمعاني عندها أكرم قدراً وأرفع شأناً وأعلى مكانة من الألفاظ والشأن كل الشأن للمعاني.

ثالثاً - أقسام البلاغة:

1/ علم المعاني.
2/ علم البيان.
3/ علم البديع.


(أ) علم المعاني:
هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها مقتضى الحال مع وفائه بغرض بلاغي يفهم ضمناً من السياق وما يحيط به من قرائن.
وعلم المعاني يتألف من المباحث التالية :
1/ أحوال الإسناد الخبري.
2/ أحوال المسند إليه.
3/ أحوال المسند.
4/ أحوال متعلقات الفعل.
5/ القصر.
6/ الإنشاء.
7/ الفصل والوصل.
8/ الإيجاز والإطناب والمساواة.

الخبر والإنشاء:

الكلام إما خبر أو إنشاء.
فالخبر:
ما نقصد به المطابقة بين النسبة الكلامية والنسبة الخارجية, أو يقصد عدم المطابقة بينهما. فإن تطابقت النسبة الخارجية والنسبة الداخلية فهو الصدق. وإن لم تتطابقا فهو الكذب.
كقول: سافر الرجل إلى مكة. فالسفر هو النسبة الكلامية وحصول السفر من عدمه هو النسبة الخارجية.
والإنشاء:
ما ليس فيه قصد لتلك المطابقة ولا لعدمها أو ما يعبر عنه بأنه مالا يحتمل الصدق والكذب.
الخبر: عرض ابن قتبية لموضوع الخبر فقال "الكلام أربعة .. أمر – وخبر – واستخبار- ورغبة.

ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب وهي: الأمر والاستخبار والرغبة، وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر.
والخبر ما جاز تصديقه أو تكذيبه: وهو إفادة المخاطب أمراً في ماض أو مستقبل.

الغرض من إلقاء الخبر:

من يصدر عنه الخبر لا يقصد إلا أحد أمرين:

1/ إفادة المخاطب الحكم الذي يجهله وتسمى هذا الإفـــــــــادة فائدة الخبر.
2/ إفادة المخاطب انه عالم بالحكم ويريد إخبار المخاطب انه عالم بالأمر وتسمى هذه الإفادة لازم الفائدة.

وقد يلقى الخبر لأغراض أخرى تفهم من سياق الكلام منها ما يلي:
1/ بفصد التحسر والتحزن:

كقول الشاعر:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

2/ أو بقصد الفخر:

كقول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

3/ أو بقصد إظهار الضعف والعجز:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

4/ أو بقصد الاسترحام والاستعطاف:

كقول ابن المهدي:
أتيت جرماً شنيعاً ... وأنت للعفو أهل
فإن عفوت فمنّ ... وإن قتلت فعدل

5/ أو بقصد التذكير بين المراتب بعضها فوق بعض:

كقوله تعالى(لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم).

6/ أو بقصد تحريك الهمة إلى ما يلزم تحصيله:
كقوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).

7/ أو بقصد توبيخ المخاطب.

8/ أو بقصد التهديد:
كقوله تعالى وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون).

أضرب الخبر:
أضرب الخبر ثلاثة وفقاً لحالات المخاطب, فالمخاطب بالحكم إما أن يكون خالي الذهن من الحكم والتردد فيه أو يكون سائلاً عنه مترددا فيه أو يكون منكراً له.
فإذا كان المخاطب كما في الحالة الأولى خالي الذهن سمي الخبر: ابتدائياً.
وإذا كان المخاطب متردداً في الحكم طالبا له سمي هذا الخبر: طلبياً.
أما إذا كان المخاطب منكراً للحكم ويسمى هذا الضرب إنكارياً.

المؤكدات:

هذه بعض أدوات التوكيد:

إن بكسر الهمزة - لام الابتداء – إما الشرطية - السين – قد التحقيقية - ضمير الفصل – القسم – نونا التوكيد – الحروف الزائدة – أحرف التنبيه.


الإنشاء:
الإنشاء كما سبق هو مالا يحتمل الصدق أو الكذب أو ما يتوقف تحقق مدلوله على النطق به مثل: اغفر وهب.
والإنشاء نوعان:
1/ طلبي :
وهو ما يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب كقول أبى تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صبّ قد استعذبت ماء بكائي
ويكون الطلبي بالأمر – والنهي والاستفهام والتمني والنداء.

2/ غير طلبي:
وهو مالا يستدعي مطلوباً وله صيغ كثيرة مثل التعجب والمدح والذم والقسم وصيغ العقود.
قال الجاحظ: فنعم صديق المرء من كان عونه ... وبئس امرؤ لا يعين على الدهر
(نقلاً عن منتدى اللغة العربية 2005م).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليق

السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته. لمن يريد الإطلاع على أبحاثي العلمية المنشورة يمكنه من خلال الروابط التالية:

  بسم الله الرحمن الرحيم السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته. لمن يريد الإطلاع على أبحاثي العلمية المنشورة يمكنه من خلال الروابط التالية:  ...