الاثنين، 2 يناير 2017

ملخص بلاغة للصف الثالث الثانوي

ملخص البلاغة
 المرحلة الثانوية - الثالث الثانوي - البلاغة - الفصل الثاني - الدرس الاول - انواع الاسلوب - الاسلوب العلمي
1-    الأسلوب العلمي
لا شك في أنك تدرك الفرق الواضح بين أساليب الشعر وأساليب النثر التي ندرسها و يقصد بالأسلوب العلمي ذلك الأسلوب الذي يستخدم في صوغ العلوم المجردة ، كالطب ، الهندسة ، الفيزياء ، الجبر ، الكيمياء .... الجيولوجيا .. وغير ذلك من المواد العلمية .
أي أنه : الأسلوب الذي يعبر به العلماء عن الموضوعات والقضايا العلمية البحتة ..

1 - أركان الأسلوب العلمي :

بتحليل أي نص علمي نجده يتكون من الركنين الأساسيين للأسلوب وهما : الأفكار والمعاني + الكلمات والجمل والصياغة . ذلك لأن الأسلوب العلمي يقصد فقط إلي نقل الحقائق العلمية مجردة ، بقصد الإفهام والإقناع .

2 - نموذج الأسلوب العلمي :
في تعليل سبب صرخة المولود التي يطلقها عند ولادته ، تعليلاً علمياً طبياً قبل :-
[تعد صرخة الحياة التي يطلقها المولود عند ولادته ، من الحركات غير الإرادية التي تحدث للوليد ، بسبب التغيرات العصبية الطارئة عليه بعد الولادة ، وربما كان ذلك الانعكاس العصبي ، بسبب تأثير الهواء الخارجي في الجلد ، مما ينبه التنفس في الجملة العصبية ، وربما حدث بكاء الوليد بسبب انقطاع الدوران الجنيني الشيمي ، مما يستدعي تراكم حمض الفحم في الدم ، وتنبه مراكز التنفس ، فتتقلص عضلات الصدر ، ويحدث الشهيق ، ويتبعه الزفير] .
* تعلل الفقرة السابقة سبب بكاء الطفل عند ولادته تعليلاً علمياً وطبياً بحتا دون صور أو وجود أ شيء من الإحساس بالعاطفة والانفعال ، إنما فقط فهمنا بالرأي العلمي أسباب هذا البكاء . هذا من حيث المعني الذي نقل إلينا .

أما من حيث الصياغة الأسلوبية نجد :
1 - أنها حافلة بالمصطلحات العلمية والطبية المحددة ، مثل : ( الانعكاس العصبي ، مراكز التنفس ، الجملة العصبية ، الدوران الجنيني ، حمض الفحم ، الشهيق ، الزفير ) .
2 - نلاحظ كذلك وضوح معاني الكلمات
3 - سهولة الأساليب والدقة في استخدام الكلمات بمعانيها العلمية المحددة
4 - عدم وجود صور خيالية ، أو ألوان بلاغية .

3 - خصائص الأسلوب العلمي :
1) موضوعاته علمية بحتة .
2) الأفكار فيه واضحة ومحددة .
3) تستخدم فيه الأرقام والمصطلحات العلمية .
4) دقة استخدام الألفاظ وتحديد دلالتها .
5) يخلو من استخدام الصور الخيالية .
6) يخلو من استخدام المحسنات البلاغية .
7) خلوه من العاطفة أو الشعور .
8) لا تظهر فيه شخصية صاحبه أو آراؤه .
9) يخاطب العقل ، بقصد الإفهام والإقناع .
10) يهدف إلي توصيل الحقائق العلمية .
11) أسلوبه حقيقي تقريري ، لا يحتمل الأغراض البلاغية التي عرفناها في علم المعاني .
12) يمتاز بترتيب الأفكار ، وتسلسل المعاني .
13) يخاطب طبقة خاصة في مجاله ، وهم أهل العلم وطلابه .

4 - نموذج للدراسة من الأسلوب العلمي :
[ يشعر المصاب بالحمى بالضعف العام ، وفقدان الشهية ، وآلام في الرقبة والمفاصل ، وتستمر هذه الأعراض لمدة يومين ، ثم تبدأ درجة حرارة المريض بالارتفاع في المساء حيت تبلغ ( 104 ) درجات فرهنيتية ، وفي الصباح تنخفض إلي المستوي الطبيعي ، ويستمر هذه الاختلاف في درجة الحرارة طيلة فترة المرض ، كما يصحب ارتفاعها مساء قشعريرة ، وتعرق ، وصداع شديد ] .
1) تعالج الفقرة مظاهر الإصابة بالحمى ، والتغيرات التي تطرأ على المريض بها أثناء الليل والنهار ، وبيان درجات الحرارة المصاحبة للمرض .
2) الفكرة محددة ، واضحة ، عبر عنها بمصطلحات طبية خاصة [الحمي - الضعف العام - فقدان الشهية - تعرق- صداع ) .
3) خلو العبارة من أي بلاغيات أو صور خيالية - فالكلمات ذات معانٍ علمية بحتة .
4) لا آثر فيها للعاطفة ، أو شخصية الكاتب أو رأيه .
5) الأفكار مسلسلة منذ بدء ظهور المرض حتى تطور أعراضه .
ملاحظات هامة :
هناك ما يسمي بالشعر التعليمي ، وهذا ليس من الأسلوب الأدبي ، ولو جاء على وزن وقافية موحدة . كما في ألفية أبن مالك للنحو ، سيأتي ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 - الأسلوب الأدبي
إذا عرفنا أن الأدب هو كل إنتاج جيد من الشعر أو النثر - فما المراد الأسلوب الأدبي وما أركانه التي تختص بها؟
هو الأسلوب الذي يعبر به الشعراء في قصائدهم ، وكتاب النثر الفني في الخطب والرسائل الإخوانية . والمقال الذاتي ، والقصص والمسرحيات .

1 - أركان الأسلوب الأدبي :
يتكون الأسلوب من العناصر الأربعة ، التي تحقق له الإسماع والإمتاع . وهي .
1 - الأفكار والمعاني
2 - العاطفة والوجدان .
3 - الصياغة
4 - الصور الشعرية .

2 - نموذج الأسلوب الأدبي من الشعر :
قال ابن الرومي في بكاء الطفل عند ولادته :
لما تؤذن الدنيا من صروفها
يكون بكاء الطفل ساعة يولـد
وإلا فما يبكيه منها ، وإنهــا
لأوسع مما كان فيه وأرغـــــد
إذا أبصر الدنيا استهل كأنه
بما سوف يلقي من أذاها يهدد

تتمثل في الأبيات كل عناصر الأسلوب الأدبي وخصائصه :

1 - الأفكار والمعاني : فهو يوضح أن سبب بكاء الطفل عند ولادته هو خوفه مما سيلاقيه من مشكلات الحياة . مع أنها أوسع كثيراًُ مما كان من بطن أمه ، وأكثر هناء في عيشه ، إنما يبكي لأنه يدرك ما يهدده من آلام الحياة .
2 - الصياغة : كلماته يحتاج بعضها إلي توضيح معانية ( تؤذن = تخبر ) ( صر وفها = مشكلاتها ) ، ( أرغد = أكثر هناء ) ، ( استهل = صرخ )
3 - الصور الخيالية : في الأبيات بعض الصور الخيالية مثل ( تؤذن الدنيا ) استعارة مكنية ، ( يلقي من أذاها ) استعارة أيضا .
4 - العاطفة : عاطفة التعجب من مواجهة الحياة ، تلك التي يغلب عليها الشعور بالخوف مما ينتظر المولود فيها ، وظهر ذلك من قوله: ( صروفها ، أذاها ، يبكيه )

3 - نموذج من الأسلوب الأدبي من النثر :
( من كتاب الأدب والنصوص فـ 1 ) من خطبة الحرب للمنفلوطي : قال :
إن الله وعدكم النصر، ووعدتموه الصبر ، فأنجزوا وعدكم ينجز لكم وعده ، لا تحدثوا أنفسكم بالفرار ، فو الله إن فررتم لا تفرون إلا عن عرض لا يجد حامياًُ ، وشرف لا يجد له ذائدا ، ودين يشكو إلي الله قوماً أضاعوه ، وأنصاراً خذلوه .إنكم لا تحاربون أشداء ، بل أشباحاً تتراءى في ظلال الأساطيل ، وخيالات تلوذ بأكناف الأسوار والجدارن . فاحملوا عليها حملة صادقة تطير بما بقي من ألبابهم ، فلا يجدون لبنادقهم كفا ولا لأسيافهم ساعدا.
تحققت في هذه الفقرة من المقال الذي هو أشبه بالخطبة ، كل عناصر الأسلوب الأدبي :-
1 - الأفكار والمعاني : فهو يؤكد لهم نصر الله ، وطلب منهم الثبات في القتال ، وحذرهم من الفرار .. لأنهم يحمون عرضهم وشرفهم ودينهم ، وبين لهم أن الأعداء ليسوا حقيقة أقوياء .. هم ضعفاء كالأشباح ، لا يقاتلون إلا في الحصون . ولهذا فإن أي هجوم قوي عليهم سوف يشتت شملهم ، ويقضي على قدرتهم ، فلا يستطعون دفاعا.
2 - العاطفة : غلبت عليه عاطفة الجهاد دفاعا عن الدين والوطن والشرف . فهو أميل إلي الإثارة وتحفيز الهمم والإغراء بالشهادة في سبيل الدفاع عن الدين والوطن .
3 - الصياغة : نري المنفلوطي أكثر تأنقا في أسلوبه ، ففيه المزاوجة بين الجمل ، فيها القصير والطويل ، ويكرر الألفاظ للإثارة . مع الحرص على جمال التعبير والصياغة . واستخدام الأسلوب الخبري والإنشائي ، وأسلوب القصر ، وبعض السجع والجناس .
4 - الصور الخيالية : جاءت في الفقرة بعض الصور الخيالية ، منها :
( دين يشكو إلي الله ) استعارة مكنية .
( تحاربون أشباحاًَ ) تشبيه للأعداء في ضعفهم بالأشباح .
( تطير بألبابهم ) كنابة عن إثارة الرعب والفزع فيهم فينهزمون .

4 - خصائص الأسلوب الأدبي :
1. يتحدث عن موضوعات ليست ذات طابع علمي بحت .
2. خلوه من الأرقام والمصطلحات والإحصاءات العلمية .
3. دقة اختيار الألفاظ والتأنق في الأسلوب .
4. استخدام الصور الخيالية .
5. استخدام المحسنات البلاغية .
6. ظهور عاطفة الكاتب أو الشاعر بوضوح .
7. ظهور شخصية صاحبه وآراؤه وثقافته .
8. يهدف إلي إثارة القارئ وإمتاعه .
9. يخاطب العاطفة والوجدان بقصد التأثير .
10. يتنوع فيه الأسلوب بين الخبري والإنشائي ولأغراض بلاغية .

5 - نموذج للدراسة من الأسلوب الأدبي ( شعر )
يقول أبو الطيب المتنبي في وصف الحمي التي أصيب بها في مصر :
وزائرتــــي كــــــأن بهـــا حياء
فليس تزور إلا في الظـلام
بذلت لها المطــارف والحشايـــا
فعافتها وباتت في عظـامي
يضيق الجلـــد عن نفسي وعنها
فتوسعــة بأنـــواع السقـــام
أراقب وقتهــــا من غيــر شوق
مراقبـــة المشــوق المستهام
ويصدق وعدها والصـــدق شر
إذا ألقاك في الكــرب العظام .
اجتعمت في أبيات المتنبي كل عناصر الأسلوب الأدبي، وخصائصه :
1 - الأفكار والمعاني : يصف الحمي وهي لا تأتيه إلا ليلا كالحبيبة التي تأتي في الظلام ، وأنها لشدة ما أصابته من سقام وذهاب بلحمه قد اتسع جلده ، فهو يراقب وقت مجيئها خوفا منها ، لا شوقاً إليها . وللأسف ، إنها صادقة الوعد لكنه صدق ضار ، فهي كمن أوعد بالانتقام ثم صدق في وعيده .
2 - العاطفة : تري عاطفة الضيق والتبرم بالألم ، تظهر من تعبيره عن ذلك في قوله ( باتت في عظامي - أنواع السقام - الكرب العظام ).
3 - الصور الخيالية : استخدام الصور الخيالية لإبراز مدي ما أصابه من ألم وسقام فصورها بالحبيبة التي تزور ليلا ، والكنابة في قوله ( باتت في عظامي ) كناية عن تمكن الحمي منه ، ( يضيق الجلد عن نفسي فتوسعه ) كناية عما أصابه من ضعف وهزال ، فذوي جسمه حتي صار جلده متسعاً من قلة لحمه . وقوله ( مراقبة المشوق المستهام ) تشبيه لانتظار الحمي لكن بلا شوق .
4 - الصياغة : المتنبي صاحب السبك اللغوي الفريد ، والأسلوب الذي لا يجاريَ ، استخدام أعمق المعاني معبراً عنها بأدق الكلمات والأساليب ، دون إطناب أو إيجار ، وهو إلي الإيجاز ( إيجاز القصر ) أميل . مع قلة المحسنات البديعية ، فهو في غير حاجة لذلك أبدا .




* خصائص الأسلوب الأدبي في الأبيات :
1. عبر عن عاطفته وحده ، ومعاناته لمرض الحمي .
2. استخدام الصور الخيالية المصورة بدقة .
3. تحدث عن الحمي كما يشعر بها لاكما يصفها الطبيب .
4. دقة استخدام الكلمات ومتانة هندسة الأساليب .
5. أسلوبه خبري - للضيق والشكوى من هذا المرض الكريه .
6. خلوه من المصطلحات العلمية أو الطبية ، مع أنه يتحدث عن الحمي .
7. لأبياته تأثير قوي في نفوسنا ونحن نطالعها - إذ نشعر بوطأة المرض عليه . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3 - الأسلوب العلمي المتأدب
إذا كان الأسلوب العلمي محدد المعاني ، خاليا من العاطفة والخيال والبلاغة لأن هدفه الإفهام والإقناع . وإذا كان الأسلوب الأدبي حافلا بالعاطفة محشوا بالخيال ، قائماً على الأساليب الفنية البلاغية لأنه يهدف إلي الإمتاع والتأثير - كما في الأمثلة السابقة - فإن هناك أسلوباً يجمع بين الحسنيين - يجمع بين أهداف الأسلوب العلمي في عرض الحقائق العلمية ويقصد إلي الإفهام والإقناع ، ويجمع بين بعض سمات وجماليات الأسلوب الأدبي - هذا الأسلوب يسمي " الأسلوب العلمي المتأدب - وهو المتمثل في النصوص العلمية التي تكتسب قيمة أدبية من طريقة عرضها - وعلى رأس هذا النوع كتب التاريخ وكتب الرحلات . فمن مؤلفيها من يمتعون القارئ بطريقتهم في سرد الأحداث ، ووصف المناظر ، وتقديم الشخصيات ، وتحليل الدوافع الإنسانية . حتى لتحسب أنك تقرأ قصة خيالية لاعرضا علمياً .
إنه أسلوب يقدم لنا الحقائق العلمية في أسلوب يقربها إلينا وتخفيف جفافها باستخدام الأسلوب الأدبي الجميل .

1 - أركان الأسلوب العلمي المتأدب :
1. الأفكار والمعاني .
2. الصياغة
3. بعض جماليات الأسلوب الأدبي

2 - نموذج للأسلوب العلمي المتأدب :
من مقال لوظيفة الكبد للدكتور / خالص جلبي قال :
" الكبد سد كبير أمام نفوذ أي سم إلي البدن ، ما لم يتغلب على الخلايا الكبدية ويدمرها ، وبذلك تكون خلايا الكبد الحارس الأمين للبدن فلا يسمح بأن يتأذي حتى يكون العطب قد استولي على خلايا الكبد بالذات فهل بعد هذا الفداء والتضحية من تضحية ؟
إن جملة من طرائق الكبد في التخلص من السموم ، ما هو بسيط في ضرب الحصار حوله ، أو إتلافه وإيثاقه ، كما في إيثاق المجرمين ، وعملية الأيثاق هنا هي المعروفة باتحاد السم مع حمض الكبريت ، أو حمض الفلوكورنيك .
وبهذه الطريقة يمكن نقل هذه المادة السامة بأمان من خلال المصرف العام أي : القناة الصفراوية ، حيث تطرح في الأمعاء مرة أخري لتلقي خارج الجسم .
المتأمل لهذه الفقرة العلمية التي تشرح بطريقة علمية وظيفة الكبد وأهميته في حياة الإنسان ، يري أنه قد شرح هذه الحقائق العلمية من تركيبات الخلايا ، والأحماض ، ودورات الدم ، والقناة الصفراوية - وكلها مصطلحات علمية جافة - إلا على المتخصصين في مجالها . نري الكاتب هنا قد صاغ هذه الحقائق العلمية بأسلوب ملتزم بالحقائق العلمية لكن مع تخفيف الجفاف العلمي ، والتفسير الطبي - فاستخدم ألفاظا لاجفاف فيها . ( الحارس الأمين - الفداء - التضحية - ضرب الحصار حوله ، المصرف العام) .
ومع احتفاظه بسلامة الحقائق العلمية فإنه قد قربها إلي الأذهان ووضحها بالصور الخيالية ، مثل :
* الكبد سد كبير أمام نفوذ أي سم إلي البدن = تشبيه بليغ
* كما في إيثاق المجرمين = تشبيه .
* المصرف العام = استعارة تصريحية .
من هنا وجدنا أن هذه الفقرة تجمع بين موضوع وأهداف الأسلوب العملي ، وبين بعض سهولة ووضوح وخيال الأسلوب الأدبي ، فحق أن يسمي هذا الأسلوب العملي المتأدب . لأنه خليط من خصائص الأسلوب العلمي ومن خصائص الأسلوب الأدبي .
3 - خصائص الأسلوب العلمي المتأدب :
1. يعالج جميع القضايا العلمية والإنسانية .
2. يعرض أفكاره العلمية بأسلوب سهل مفهوم .
3. يخفف من استخدام المصطلحات العلمية ، ويبسط عرضها .
4. دقة استخدام الألفاظ والأساليب .
5. فيه بعض الصور الخيالية ، لتوضيح الفكرة وشرحها بصورة واضحة .
6. فيه بعض من مظاهر شخصية الكاتب ، دون طغيان على الحقائق العلمية .
7. يهدف إلي الإفهام والإقناع ، مع بعض التشويق والإثارة .
8. فيه قليل من المحسنات البلاغية - التي تجئ دون قصد . أو يخلو منها .
4 - نموذج للدراسة من الأسلوب العلمي المتأدب :
" مع الله في الأرض - الطير - من مقال الدكتور أحمد زكي - مجلة العربي أغسطس 1973)
[ إن الأحياء جميعاً نشأت من الوحدة على بساط من الخلق الواحد ، دليل صنعة فيها واحدة ، وصانع واحد ، ولكنها صنعة فاهمة عاقلة ، مدبرة قادرة مقتدرة تغير من أعضاء ووظائف أعضاء ما يتفق مع العيشة على الأرض ، أو العيشة في الماء ، أو العيشة في السماء .
ومن أجل ذلك اشتركت الطيور مع الزواحف في الكثير ، ولكن لما أريد للطير أن يصعد إلي الهواء تغير كنهه ، وتغيرت وظائف أعضائه في الكثير . تغيرت بكل ما يمهد أو يسهل على الطير أن يطير .
فأولاً شكله المسحوب : فهو يخترق الهواء بأقل ما يمكن من معارضة واحتكاك . ثم وزن الطير ؛ فقد قل هذا الوزن دون أن يفقد القدرة على إعطاء الطاقة اللازمة ، وعظام الطير خفت ، وهي مسامية ؛ ومنها ما يملؤه الهواء ، ورجلاه الأماميتان اللتان لذوات الأربع تحولتا إلي جناحين هما أداة الطير ، وفيهما من سر الخلق بحسن الصنع فشئ الكثير ] .
هذا النص جزء من مقال كتب بالأسلوب العلمي المتأدب ، وفيه نلاحظ :
1. المادة العلمية فيه سليمة دقيقة ، فلا تجاوز للحقائق العلمية في الحديث عن شكل الطير ، أو تكوين جسمه .
2. أنه مع هذه الموضوعية - يقف عند مواطن الإبداع ، وأسرار الخلق وقفات متأنية متأملة ، ليجلو ، ويوضح ، ويفسر ، ويملأ العقول باليقين والقلوب بالنور .
3. عبارات المقال تحتفظ بدقة اللغة العلمية ، وذلك باستخدام الألفاظ المحددة الدلالة ، مثل : بأقل ما يمكن ، تغيرت وظائف أعضائه في الكثير .
4. ومع هذه اللغة مؤثرات فنية تخفف من جفاف المادة العلمية ونعرضها عرضا جذاباً ، وتري ذلك واضحا في التصوير في قوله : " ولكنها صنعة فاهمة عاقلة ، متصرفة قادرة مقتدرة "
وهكذا جمع المقال بين دقة المادة العلمية والموضوعية في عرضها ، وبراعة في الكشف عما وراءها من أسرار - كما تري أسلوبا يجمع إلي الدقة في أداء المعاني القدرة على الإمتاع ، والتأثير وهي صفات الأسلوب العلمي المتأدب

البلاغة

البلاغة – مفهومها وعناصرها وأقسامها:
أولاً – مفهوم البلاغة:
   كثرت الأقوال في البلاغة قديماً في معنى البلاغة. والبَلاغةُ: الفَصاحةُ. والبَلْغُ والبِلْغُ: البَلِيغُ من الرجال. ورجل بَلِيغٌ وبِلْغٌ: حسَنُ الكلام فَصِيحُه يبلغ بعبارة لسانه كُنْهَ ما في قلبه، والجمعُ بُلَغاءُ، وقد بَلُغَ، بالضم، بَلاغةً أَي صار بَلِيغاً.
وقولٌ بَلِيغٌ: بالِغٌ وقد بَلُغَ. والبَلاغاتْ: كالوِشاياتِ.
والبِلَغْنُ: البَلاغةُ؛ عن السيرافي، ومثَّل به سيبويه.
وقد سئل ارسطو: ما البلاغة؟ قال حسن الاستعارة. وقال أكثم بن صيفي: في خطبة له (البلاغة الإيجاز).
وعرف أبو هلال العسكري البلاغة فقال: إنها مأخوذة من قولهم بلغت الغاية إذا انتهيت إليها فهي كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه على صورة مقبولة حسنة.
وذهب السكاكي إلى أن البلاغة هي بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حداً له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها.
والبلاغة هي: تأدية المعنى الجليل بعبارة صحيحة فصيحة. يكون لها في النفس أثر كبير مع ملاءمة كل كلام للموطن الذي يقال فيه والأشخاص الذين يخاطبون.

ثانياً - عناصر البلاغة
:
(لفظ ومعنى). وفي كتب البلاغيين جدل شديد حول اللفظ والمعنى لمن المزية في الكلام؟ وباعتبار أن البلاغة تتمثل في النصوص المكتوبة أو الملفوظة فأين تكون البلاغة, في اللفظ أم في المعنى؟
اللفظ:

قال الجاحظ في كلمته المشهورة (والمعاني مطروحة في الطريق)
وجاء العلماء بعد الجاحظ يرددون قوله ويؤيدون رأيه ويرجحون جانب اللفظ.
وقال أبو هلال العسكري (ليس الشأن في إيراد المعاني لأن المعاني يعرفها العربي والأعجمي والقروي والبدوي وإنما هو في جودة اللفظ وصفاته وكثرة طلاوته ومائه مع صحة السبك والتركيب..). وسار في هذا الاتجاه ابن خلدون, وأحمد حسن الزيات من المعاصرين وتابع هذا النهج.
وأدى هذا الاتجاه بفريق من الأدباء العرب فيما بعد إلى أن ينزعوا إلى جانب تفضيل الألفاظ والاهتمام بالأساليب على حساب المعاني فغدا الأدب ألفاظاً مرصوفة وقوالب جامدة وأجساماً من دون أرواح فانحط الأدب.

المعنى:

أما الفريق الثاني والذي انحاز إلى جانب المعنى فنجده ممثلاً في رأي ابن جني في كتابه (الخصائص). حيث أفرد في هذا الكتاب باباً مستقلاً جعل عنوانه "باب في الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ وإغفالها المعاني" فرأى ابن جني أن العرب إذا اعتنت بألفاظها فإنما هي أصلاً تخدم المعاني التي تحملها تلك الألفاظ. والمعاني عندها أكرم قدراً وأرفع شأناً وأعلى مكانة من الألفاظ والشأن كل الشأن للمعاني.

ثالثاً - أقسام البلاغة:

1/ علم المعاني.
2/ علم البيان.
3/ علم البديع.


(أ) علم المعاني:
هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها مقتضى الحال مع وفائه بغرض بلاغي يفهم ضمناً من السياق وما يحيط به من قرائن.
وعلم المعاني يتألف من المباحث التالية :
1/ أحوال الإسناد الخبري.
2/ أحوال المسند إليه.
3/ أحوال المسند.
4/ أحوال متعلقات الفعل.
5/ القصر.
6/ الإنشاء.
7/ الفصل والوصل.
8/ الإيجاز والإطناب والمساواة.

الخبر والإنشاء:

الكلام إما خبر أو إنشاء.
فالخبر:
ما نقصد به المطابقة بين النسبة الكلامية والنسبة الخارجية, أو يقصد عدم المطابقة بينهما. فإن تطابقت النسبة الخارجية والنسبة الداخلية فهو الصدق. وإن لم تتطابقا فهو الكذب.
كقول: سافر الرجل إلى مكة. فالسفر هو النسبة الكلامية وحصول السفر من عدمه هو النسبة الخارجية.
والإنشاء:
ما ليس فيه قصد لتلك المطابقة ولا لعدمها أو ما يعبر عنه بأنه مالا يحتمل الصدق والكذب.
الخبر: عرض ابن قتبية لموضوع الخبر فقال "الكلام أربعة .. أمر – وخبر – واستخبار- ورغبة.

ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب وهي: الأمر والاستخبار والرغبة، وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر.
والخبر ما جاز تصديقه أو تكذيبه: وهو إفادة المخاطب أمراً في ماض أو مستقبل.

الغرض من إلقاء الخبر:

من يصدر عنه الخبر لا يقصد إلا أحد أمرين:

1/ إفادة المخاطب الحكم الذي يجهله وتسمى هذا الإفـــــــــادة فائدة الخبر.
2/ إفادة المخاطب انه عالم بالحكم ويريد إخبار المخاطب انه عالم بالأمر وتسمى هذه الإفادة لازم الفائدة.

وقد يلقى الخبر لأغراض أخرى تفهم من سياق الكلام منها ما يلي:
1/ بفصد التحسر والتحزن:

كقول الشاعر:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

2/ أو بقصد الفخر:

كقول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

3/ أو بقصد إظهار الضعف والعجز:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

4/ أو بقصد الاسترحام والاستعطاف:

كقول ابن المهدي:
أتيت جرماً شنيعاً ... وأنت للعفو أهل
فإن عفوت فمنّ ... وإن قتلت فعدل

5/ أو بقصد التذكير بين المراتب بعضها فوق بعض:

كقوله تعالى(لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم).

6/ أو بقصد تحريك الهمة إلى ما يلزم تحصيله:
كقوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).

7/ أو بقصد توبيخ المخاطب.

8/ أو بقصد التهديد:
كقوله تعالى وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون).

أضرب الخبر:
أضرب الخبر ثلاثة وفقاً لحالات المخاطب, فالمخاطب بالحكم إما أن يكون خالي الذهن من الحكم والتردد فيه أو يكون سائلاً عنه مترددا فيه أو يكون منكراً له.
فإذا كان المخاطب كما في الحالة الأولى خالي الذهن سمي الخبر: ابتدائياً.
وإذا كان المخاطب متردداً في الحكم طالبا له سمي هذا الخبر: طلبياً.
أما إذا كان المخاطب منكراً للحكم ويسمى هذا الضرب إنكارياً.

المؤكدات:

هذه بعض أدوات التوكيد:

إن بكسر الهمزة - لام الابتداء – إما الشرطية - السين – قد التحقيقية - ضمير الفصل – القسم – نونا التوكيد – الحروف الزائدة – أحرف التنبيه.


الإنشاء:
الإنشاء كما سبق هو مالا يحتمل الصدق أو الكذب أو ما يتوقف تحقق مدلوله على النطق به مثل: اغفر وهب.
والإنشاء نوعان:
1/ طلبي :
وهو ما يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب كقول أبى تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صبّ قد استعذبت ماء بكائي
ويكون الطلبي بالأمر – والنهي والاستفهام والتمني والنداء.

2/ غير طلبي:
وهو مالا يستدعي مطلوباً وله صيغ كثيرة مثل التعجب والمدح والذم والقسم وصيغ العقود.
قال الجاحظ: فنعم صديق المرء من كان عونه ... وبئس امرؤ لا يعين على الدهر
(نقلاً عن منتدى اللغة العربية 2005م).

بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم

 الطباق والإيجاز والإطناب:

 واعتبر هذا الأصل بما كان من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما أراد أَن يَكتب إلى  مَلك فارس اختار أسهل الألفاظ وأَوضحها فقال:
"من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلامٌ على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وأدعوكَ بدِعايةِ الله، فإني أنا رسول الله إلى الخلق كافَّة لينذر من كان حيا ويحِق القولُ على الكافرين، فأسلمْ تسلم، فإِن أَبيْتَ فإِثمُ المجوس عليك ".
وحين أراد أَن يكتب إلى أُكيدر صاحبِ دومة الجندل فَخَّم الأَلفاظ وأتى بالجزْل النادر فقال:
" من محمد رسول الله لأُكيدر حين أَجاب إلى الإِسلام وخلع الأَنداد والأَصنام إن لنا الضَاحيةَ[3]  من البَعْل [4]والبُور [5] والمَعامى [6] وأغفال الأَرض [7] والْحَلقةَ [8] والسلاح، ولكم الضَّامنةُ من النَخل [9]والمعين [10] من المعمور، لا تُعدل سارحتكم [11]، ولا تُعَدُّ فاردتُكم [12] ولا يحظَرُ عليكم النبات تقيمون الصلاة لوقَتها وتؤدون الزكاة، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه".
وتكون مطابقة الكلام لمقتضى الحال أيضاً فما يتصرف فيه القائل من إيجاز وإطناب: فللإيجاز مواطنه، وللإطناب مواقعه، كل ذلك على حسب حال السامع  وعلى مقتضى مواطن القول؛ فالذكي الذي تكفيه اللمحة يحسن له الإيجاز، والغبي  أو المكابر يجمل عند خطابه الإطناب والإسهاب.
وإذا تأملت القرآن الكريم رأيته إذا خاطب العرب والأعراب أوجز كلَ الإيجاز، وأخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي، وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم أسهب وأطنب فمما خاطب به أهل مكة قوله تعالى: { إنَّ الذِين تدْعُون مِنْ دونِ اللهِ لَنْ يخْلُفوا ذُباباً ولَو اجْتَمعُوا لَهُ، وإنْ يسْلُبهُمُ الذبابُ شَيئاً لا يستنْقذوهُ مِنْهُ، ضَعُف الطَّالب والمطلوبُ }.
وقلما تَجدُ خِطاباً لبني إِسرائيل إلا وهو مسهب مطول، لأن يهودَ المدينة كانوا يرون أنفسهم أهل علم وأهل كتاب فتجاوزوا الحد في المكابرة والعناد، وقد يكون القرآن الكريم نزَّلهم منزلة قصار العقول أطنب في الحديث إليهم، ويشهد لهذا الرأي ما حكاه عنهم وعن مقدار معرفتهم بما في أسفارهم.
وللإيجاز مواطن يحسن فيها، كالشكر والاعتذار والتعزية والعتاب إلى غير ذلك، وللإطناب مواضع كالتهنئة والصلح بين فريقين والقَصص والخطابة في أمر من الأمور العامة، وللذوق السليم القولُ الفصل في هذه الشئون.

السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته. لمن يريد الإطلاع على أبحاثي العلمية المنشورة يمكنه من خلال الروابط التالية:

  بسم الله الرحمن الرحيم السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته. لمن يريد الإطلاع على أبحاثي العلمية المنشورة يمكنه من خلال الروابط التالية:  ...